فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَافِرِ الَّذِي قَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِهِ فَنَذَرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إسْلاَمُهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ لِذَلِكَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِمَنْ كَانَ دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ أَتَاهُ مُجِيبًا لَهُ بِقَوْلِهِ مَا مَنَعَك أَنْ تُجِيبَنِي قَالَ كُنْت أُصَلِّي قَالَ أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ‏}

قَدْ ذَكَرْنَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي‏}‏ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْعَلاَءِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُطَرِّفِ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى الْحُرَقَةِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ‏:‏ يَا أُبَيّ‏,‏ فَالْتَفَتَ أُبَيٌّ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ صَلَّى فَخَفَّفَ ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْك السَّلاَمُ مَا مَنَعَك أَنْ تُجِيبَنِي إذْ دَعَوْتُك قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْت فِي الصَّلاَةِ قَالَ أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إلَيَّ أَنْ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَعُودُ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيجَابُهُ عَلَى مَنْ دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي إجَابَتَهُ وَتَرْكَ صَلاَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ مِنْ تَمَادِيهِ فِي صَلاَتِهِ بِمَا يُلاَمُ عَلَيْهِ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ إذْ كَانَ الْمُصَلِّي قَدْ يَقْدِرُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صَلاَتِهِ إلَى الْفَضْلِ الَّذِي يُصِيبُهُ فِي إجَابَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا دَعَاهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ إجَابَةُ الرَّجُلِ أُمَّهُ إذَا دَعَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لأَنَّهُ قَدْ يَسْتَطِيعُ تَرْكَ صَلاَتِهِ وَإِجَابَتَهُ لِأُمِّهِ لِمَا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهَا فِيهِ وَالْعَوْدَ إلَى صَلاَتِهِ وَلأَنَّ صَلاَتَهُ إذَا فَاتَتْ قَضَاهَا وَبِرُّهُ أُمَّهُ إذَا فَاتَ لَمْ يَسْتَطِعْ قَضَاءَهُ وَقَدْ دَلَّك عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَادَتْ امْرَأَةٌ ابْنَهَا وَهُوَ فِي صَوْمَعَةٍ قَالَتْ يَا جُرَيْجُ قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي أَوْ صَلاَتِي قَالَتْ يَا جُرَيْجُ قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي أَوْ صَلاَتِي حَتَّى كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ يَمُتْ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وَجْهِهِ الْمَيَامِسُ وَكَانَ يَأْوِي إلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ فَوَلَدَتْ فَقِيلَ لَهَا مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ قَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ فَنَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ قَالَ جُرَيْجٌ أَيْنَ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي قَالَ يَا بَابُوسُ مَنْ أَبُوك قَالَ أَبِي رَاعِي الْغَنَمِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جُرَيْجًا عُوقِبَ بِتَرْكِ إجَابَةِ أُمِّهِ لَمَّا دَعَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي وَتَمَادِيهِ فِي صَلاَتِهِ بِأَنْ عُوقِبَ بِمَا عُوقِبَ بِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ إجَابَتَهُ أُمَّهُ وَالْعَوْدَ إلَى صَلاَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ التَّمَادِي فِي صَلاَتِهِ وَتَرْكِهِ إجَابَتَهُ أُمَّهُ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَافِرِ الَّذِي قَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِهِ فَنَذَرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إسْلاَمُهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ لِذَلِكَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُدِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَئِنْ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ قَالَ فَأَظْفَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ فَكَانُوا يَجِيئُونَ بِهِمْ أَسْرَى فَيُبَايِعُهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جِيءَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَكَفَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتِهِ لِيَفِيَ الرَّجُلُ بِنَذْرِهِ وَكَرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ قُدَّامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِنَذْرِي قَالَ قَدْ كَفَفْت عَنْهُ لِتَفِيَ بِنَذْرِك فَلَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلاَ أَوْمَضْت إلَيَّ قَالَ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لَئِنْ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ كَانَ عَلَى النَّذْرِ وَأَنَّ ذَلِكَ فَاتَهُ مِنْهُ بِإِسْلاَمِهِ فَلَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النُّذُورَ بِالأَشْيَاءِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَقْطَعُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا مِثْلُ الَّذِي قَطَعَ بِذَلِكَ النَّاذِرِ عَنْ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكَافِرِ بِإِسْلاَمِهِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَكُونُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ إذَا لَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً لِفَوْتِ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ إيَّاهُ بِمَنْعِ الشَّرِيعَةِ إيَّاهُ مِنْ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَنْعَ بِالشَّرِيعَةِ كَالْمَنْعِ بِالْعُدْمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ يَعْصِهِ‏.‏

قَالَ حَفْصٌ وَسَمِعْت ابْنَ مُجَبَّرٍ وَهُوَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ يُكَفِّرُ يَمِينَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَسْمَعْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ يَعْصِهِ‏.‏

فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ بَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَبَيْنَ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَاَلَّذِي أَتَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِهِ مَا فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُجَبَّرٍ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِكْرِ الْكَفَّارَةِ وَابْنُ مُجَبَّرٍ هَذَا رَجُلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ رضي الله عنه جَلِيلُ الْمِقْدَارِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رضي الله عنه وَلَهُ ابْنٌ يُتَكَلَّمُ فِي حَدِيثِهِ قَدْ رَوَى عَنْهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَإِذَا كَانَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَأْمُورًا بِالْكَفَّارَةِ مِمَّا تَمْنَعُهُ مِنْهُ الشَّرِيعَةُ كَانَ مَنْ نَذَرَ مَا تُطْلِقُهُ لَهُ الشَّرِيعَةُ ثُمَّ مَنَعَتْهُ مِنْهُ الشَّرِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكَفَّارَةِ عَنْ نَذْرِهِ الَّذِي عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ أَوْلَى وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ الَّذِي أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا بِقَضَاءِ يَوْمٍ مَعَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا فِيهَا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ كُلُّ مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ قَضَاءِ يَوْمٍ مَكَانَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْفِطْرُ غَيْرُ مَا سَنَرْوِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ هَكَذَا قَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ مَا أَجِدُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ مَا أَسْتَطِيعُ قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ مَا أَجِدُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِكْتَلٍ فِيهِ قَدْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا تَمْرًا قَالَ فَخُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنِّي وَأَهْلِ بَيْتِي قَالَ فَكُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِك وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ وَاقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ مَنْ يَرْوِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَضَاءِ يَوْمٍ مَكَانَهُ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْت عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ قَالَ حَبِيبٌ وَقَدْ رَأَيْت أَبَا الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ وَلَوْ صَوْمُ الدَّهْرِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ حَبِيبٍ وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمُطَوِّسِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا عَنْ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلاَ مَرَضٍ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْحَدِيثِ الأَوَّلِ لأَنَّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ فِيهِ ذِكْرُ الْقَضَاءِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لاَ يُدْرِكُ صَوْمُ الدَّهْرِ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ صَوْمَهُ لَوْ كَانَ صِيَامُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا يَكُونُ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى فَاتَهُ وَقْتُهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا غَيْرَ مُصِيبٍ بِقَضَائِهَا مَا يُصِيبُهُ لَوْ كَانَ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ غَيْرُ مُدْرِكٍ بِذَلِكَ الْقَضَاءِ مَا كَانَ يُصِيبُهُ لَوْ صَامَهُ فِي عَيْنِهِ فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي صَاحِبِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ‏}

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالُوا أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي حَدِيثٍ حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِسَائِهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلاَئِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ مَعَك وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَك وَقَلَّمَا تَكَلَّمْت، وَأَحْمَدُ اللَّهَ، بِكَلاَمٍ إِلاَّ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُصَدِّقُ قَوْلِي قَالَ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ {عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ}‏.‏

الآيَةَ وَنَزَلَتْ فِي هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ‏}‏ قَالَ فَكُنْت أَنَا الَّذِي اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ الأَمْرَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ عُمَرَ أَنَّهُ الْمُسْتَنْبِطُ لِمَا ذَكَرَ اسْتِنْبَاطَهُ إيَّاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَنْبِطِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي الآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِمْ هُمْ أُولُو الْخَيْرِ وَالْعِلْمِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ عَنْهُمْ أُمُورُ الدِّينِ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ‏}‏ قَالَ أُولِي الْخَيْرِ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ‏}‏ قَالاَ أُولِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ الأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قَالَ الرَّدُّ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَى كِتَابِهِ وَالرَّدُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قُبِضَ إلَى سُنَّتِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ‏,‏ وَطَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ اتِّبَاعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَذَكَرَ مَا قَدْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّرِيَّةِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ إذْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصُّحْبَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَلَوْلاَ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَمَا وَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا وَلَّاهُ عَلَيْهِ إذْ كَانَ مَا وَلَّاهُ لِلَّهِ فِيهِ أَحْكَامٌ لاَ يُدْرِكُهَا إِلاَّ أَهْلُ الْفِقْهِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَمْثَالَهَا وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ آخَرَ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْبَصْرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ أُولِي الأَمْرِ‏:‏ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ مَعَانِيَ دِينِهِمْ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ عَلَى الْعِبَادِ‏,‏ أَفَلاَ يُرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ وَصَفَ أُولِي الأَمْرِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَعْلِيمِ النَّاسِ مَعَانِيَ دِينِهِمْ وَأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِهِمْ عَنْ الْمُنْكَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ أُمَرَاءُ السَّرَايَا‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ هُمْ الآُمَرَاءُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ أُولِي الأَمْرِ الْمَأْمُورِ بِطَاعَتِهِمْ هُمْ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أُمَرَاءَ كَانُوا أَوْ غَيْرَ أُمَرَاءَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْحَيَاءُ مِنْ الإِيمَانِ

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ إنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْت النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَكُونُ الْحَيَاءُ مِنْ الإِيمَانِ وَالْحَيَاءُ غَرِيزَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِي أَهْلِهِ وَالإِيمَانُ اكْتِسَابٌ يَكْتَسِبُهُ أَهْلُهُ بِأَقْوَالِهِمْ وَبِأَفْعَالِهِمْ وَالْحَيَاءُ ضِدٌّ لِذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا وَجَدْنَا الْحَيَاءَ يَقْطَعُ صَاحِبَهُ عَنْ رُكُوبِ الْمَعَاصِي أَقْوَالاً وَأَفْعَالاً كَمَا يَقْطَعُ الإِيمَانُ أَهْلَهُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحَيَاءُ وَالإِيمَانُ فِيمَا ذَكَرْنَا يَعْمَلاَنِ عَمَلاً وَاحِدًا كَانَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُقِيمُ الشَّيْءَ مَكَانَ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مِثْلُهُ أَوْ شَبِيهُهُ أَلاَ تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ سَمَّوْا الدُّعَاءَ صَلاَةً وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ‏}‏ فِي مَعْنَى أَمْرِهِ إيَّاهُ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏}‏ فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الدُّعَاءَ صَلاَةً إذْ كَانَ مَفْعُولاً فِي الصَّلاَةِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ‏.‏

حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ بَانَ بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُسَمَّى بِاسْمِ الشَّيْءِ إذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الآخَرُ مِنْهُمَا فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَيَاءُ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الإِيمَانِ إذْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ الإِيمَانِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْبَذَاذَةُ مِنْ الإِيمَانِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ عَنْ عَبْد الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعْت أَبَاكَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْبَذَاذَةُ مِنْ الإِيمَانِ يَعْنِي التَّقَشُّفَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي أُمَامَةَ الأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ الَّذِي رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ اقْتَطَعَ بِيَمِينِهِ مَالَ مُسْلِمٍ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْبَذَاذَةُ مِنْ الإِيمَانِ أَيْ أَنَّهَا مِنْ سِيمَا أَهْلِ الإِيمَانِ إذْ مَعَهُمْ الزُّهْدُ وَالتَّوَاضُعُ وَتَرْكُ التَّكَبُّرِ كَمَا كَانَ الأَنْبِيَاءُ صلوات الله عليهم قَبْلَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ الأَنْبِيَاءُ صلوات الله عليهم يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَرْكَبُونَ الْحُمُرَ وَيَحْلِبُونَ الشَّاءَ وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارٌ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْبَذَاذَةُ مِنْ الإِيمَانِ أَنَّهَا مِنْ أَخْلاَقِ أَهْلِ الإِيمَانِ فَجَعَلَهَا بِذَلِكَ مِنْ الإِيمَانِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّ مِمَّا أَدْرَكْنَا مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الآُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالاَ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِمَّا أَدْرَكْنَا مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الآُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَوْقَفَهُ عَلَى أَبِي مَسْعُودٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَأَوْقَفَهُ عَلَى أَبِي مَسْعُودٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ وَهُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرُ مَا تُمُسِّكَ بِهِ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الآُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ هَكَذَا قَالَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ أَكْبَرَ مَا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الآُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ الصَّائِغُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الآُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْحَضَّ عَلَى الْحَيَاءِ وَالأَمْرَ بِهِ وَإِعْلاَمَ النَّاسِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ صَنَعُوا مَا شَاءُوا لاَ أَنَّهُمْ أُمِرُوا فِي حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ أَنْ يَصْنَعُوا مَا شَاءُوا وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لَيْسَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ إذَا كَذَبَ أَنْ يَتَبَوَّأَ بِنَفْسِهِ مَقْعَدًا مِنْ النَّارِ وَلَكِنَّهُ إذَا كَذَبَ عَلَيْهِ يَتَبَوَّأُ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ‏,‏ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلاَمِهِمْ فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت بِمَعْنَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ صَنَعْت مَا شِئْت وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْوَعِيدِ وَالْوَعِيدُ لَفْظُهُ لَفْظُ الأَمْرِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ‏}‏ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَعِدْهُمْ‏}‏ ثُمَّ أَعْقَبَ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا بَيَّنَ لَهُمْ الْمَعْنَى الَّذِي يُخْرِجُ أَهْلَهُ إلَى مَا يُخْرِجُهُمْ إلَيْهِ وَيُدْخِلُهُمْ فِيمَا يُدْخِلُهُمْ فِيهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا‏}‏ فَكَانَ لَفْظُ ذَلِكَ لَفْظَ الأَمْرِ وَبَاطِنُهُ النَّهْيَ وَالْوَعِيدَ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت لَفْظُهُ لَفْظُ الأَمْرِ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ وَالْوَعِيدُ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لاَ يُنْتَقَصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ فَذَكَرَ مِنْ وِزْرِهَا وَوِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِي الْحَسَنَةِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الأَعْرَابِ مُجْتَابِي النِّمَارِ فَحَثَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَكَأَنَّهُمْ أَبْطَئُوا حَتَّى رَأَوْا ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِقِطْعَةِ تِبْرٍ فَأَلْقَاهَا فَتَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ سُنَّةً، كَأَنَّهُ يَعْنِي حَسَنَةً، فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَلٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمٌ مِنْ الأَعْرَابِ فَأَبْصَرَ عَلَيْهِمْ الْخَصَاصَةَ وَالْجَهْدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا وَرَغَّبَهُمْ فِيهَا فَأَبْطَئُوا حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِقَبْضَةٍ مِنْ وَرِقٍ فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الصَّدَقَةِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ السُّرُورُ فَقَالَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ فِي نَاحِيَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ قَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصُرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ تَمْلاَُ مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَى ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَأَعْطَى ثُمَّ قَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فَأَعْطَوْا فَأَشْرَقَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْنَا الْفَرَحَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ رَوَيْنَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَحَادِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي اخْتَرْنَا فِيهِ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ ‏"‏ وَالأَرْحَامَ ‏"‏ بِالنَّصْبِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ‏"‏ وَالأَرْحَامِ ‏"‏ بِالْجَرِّ فَغَنِينَا بِذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهَا هَاهُنَا‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ أَجْرُهَا كَمَا لِمَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ أَجْرُهَا وَمَعَ الْعَامِلِ مِنْ مُعَانَاةِ الْعَمَلِ بِهَا مَا لَيْسَ مَعَ الَّذِي قَدْ كَانَ سَنَّهَا فَكَانَ مَعْقُولاً أَنْ يَكُونَ فِي الأَجْرِ فِي عَمَلِهِ بِهَا فَوْقَ الأَجْرِ الَّذِي يَكُونُ لِلَّذِي سَنَّهَا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ بَعْدَ أَنْ احْتَجَّ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ دَلَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى مَا قَالَ‏.‏

وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ سَائِلٌ فَسَأَلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ ثُمَّ إنَّ رَجُلاً مِنْ الْقَوْمِ أَعْطَى وَأَعْطَى الْقَوْمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِنْ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ غَيْرَ مُنْتَقَصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ شَرًّا فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِنْ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مُنْتَقَصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ وَمِنْ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَتَكُونُ مِنْ صِلَةً وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ‏}‏ بِمَعْنَى هَلْ خَالِقٌ غَيْرُ اللَّهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَمَا مِنْ إلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ‏}‏ بِمَعْنَى وَمَا إلَهٌ إِلاَّ اللَّهُ فَيَرْجِعُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ أُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ إلَى مَعْنَى وَأُجُورِ مَنْ عَمِلَ بِهَا فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ فَيَتَّفِقَانِ وَلاَ يَتَضَادَّانِ‏.‏

فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِ مَا ذَكَرْت وَذَكَرَ مَا‏.‏

قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ وَهُوَ السُّكَّرِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ لأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْكِفْلَ هُوَ الْمِثْلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} بِمَعْنَى مِثْلٌ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا وَكَمِثْلِ قوله تعالى ‏{‏يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ‏}‏ أَيْ مِثْلَيْنِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا وَلَّادٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ‏"‏ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ‏"‏ قَالَ‏:‏ مِثْلَيْنِ فَكَانَ مَا احْتَجَّ بِهِ هَذَا الْمُخَالِفُ عَلَيْنَا حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا‏.‏

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَمَلْنَا مَعْنَاهُ عَلَيْهِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّالِّ عَلَى الْخَيْرِ أَنَّهُ كَفَاعِلِهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إيَاسٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالاَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إيَاسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ وَقَالَ يَعْلَى عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ مَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُك عَلَيْهِ ائْتِ فُلاَنًا فَأَتَاهُ فَحَمَلَهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْعَائِشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِذَا كَانَ الدَّالُّ يَسْتَحِقُّ بِدَلاَلَتِهِ عَلَى الْخَيْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ بِذَلِكَ الْخَيْرِ كَانَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً دَلَّ بِعَمَلِهِ بِهَا النَّاسَ فَعَمِلُوهَا بَعْدَهُ يَكُونُ فِي سَنِّهِ إيَّاهَا لَهُمْ فِي الأَجْرِ كَهُمْ فِيهِ فِي عَمَلِهِمْ إيَّاهَا وَكَذَلِكَ فِي الْوِزْرِ يَكُونُ سَنَّهُ إيَّاهُ لَهُمْ فِي عَمَلِهِمْ بَعْدَهُ بِهِ فِي الْوِزْرِ كَهُمْ فِيهِ‏.‏

وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالاَ حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ إنَّ ابْنَ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ نِصْفَ عَذَابِ جَهَنَّمَ قِسْمَةً صِحَاحًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا أَوْ مَسْجِدًا عَلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بَنَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ قَالاَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا رَفَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَحْمَدُ فَقِيلَ لأَبِي بَكْرٍ إنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُك قَالَ سَمِعْته مِنْ الأَعْمَشِ وَهُوَ شَابٌّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَهُ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَخِيهِ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَكُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ‏.‏

وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ قَالاَ ثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ بَنَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ أَوْسَعَ مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ بَنَى لِلَّهِ بَيْتًا وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْمُؤَذِّنِ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ فَقُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ الَّتِي تُصْنَعُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَالَ وَذِيكَ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مُضْطَرِبًا فَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ بَنَى اللَّهُ لَهُ مَسْجِدًا فِي الْجَنَّةِ وَهَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ الرُّوَاةِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِاضْطِرَابٍ مِنْهُمْ رضوان الله عليهم وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَجْعَلَ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ أَوْلَى مِمَّا رَوَى الْوَاحِدُ حَتَّى تَصِحَّ الآثَارُ فِي ذَلِكَ وَلاَ تَتَضَادَّ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْتَعَانُ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَعْنًى قَدْ ذَهَبَ عَلَيْك الْمُرَادُ بِهِ لأَنَّ الْمَسَاجِدَ إنَّمَا تُبْنَى بُيُوتًا ثُمَّ تَعُودُ مَسَاجِدَ بِالصَّلاَةِ فِيهَا وَهِيَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فِيهَا بُيُوتٌ لاَ مَسَاجِدُ وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ بَنَوْهَا بُيُوتًا أَرَادُوا أَنْ تَكُونَ مَسَاجِدَ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يُصَلَّى فِيهَا فَتَكُونَ بُيُوتًا مَسَاجِدَ‏.‏

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا يُثِيبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا فِي الدُّنْيَا أَنْ يَبْنِيَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ ثَوَابًا لِذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَا يُرَادُ بِهِ ثَوَابُ مَا بَنَى فِي الدُّنْيَا‏,‏ وَمَا بَنَى فِي الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا بِبِنَائِهِ إيَّاهُ يُرِيدُ بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَّى صَلَّى الْمُسْلِمُونَ فِيهِ‏,‏ وَمَا بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ ثَوَابًا عَلَيْهِ لَيْسَ مِمَّا يُصَلَّى فِيهِ فِي الْجَنَّةِ لأَنَّ الْجَنَّةَ لَيْسَتْ بِدَارِ عَمَلٍ وَإِنَّمَا هِيَ دَارُ جَزَاءٍ‏,‏ فَبَقِيَ بَعْدَ بِنَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ لَهُ بِمِثْلِ اسْمِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَنَى فِي الدُّنْيَا قَبْلَ صَلاَةِ النَّاسِ فِيهِ وَهُوَ بَيْتٌ عَلَى مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُخَرِ ‏"‏ مَنْ بَنَى لِلَّهِ بَيْتًا بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ‏"‏ فَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ تَضَادٌّ وَلاَ اخْتِلاَفَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ بْنِ الْمُعَارِكِ قَالَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ قَالَ وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

ثنا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَمُّ الْمَاجِشُونِ هَذَا هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَبُو يُوسُفَ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْمَاجِشُونِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمُونَ مِنْ الأَنْبِيَاءِ صلوات الله عليهم الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ‏,‏ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقَرْنِ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ‏,‏ وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ مُوسَى صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَفَاقَ مِنْ صَعْقَتِهِ حِينَ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرِيَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَك تُبْتُ إلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْبِيَاءُ مُؤْمِنُونَ صلوات الله عليهم وَغَيْرُ أَنْبِيَاءٍ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الأَنْبِيَاءُ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ فِي افْتِتَاحِهِ الصَّلاَةَ بَعْدَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي الْبَابِ الأَوَّلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ‏,‏ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي‏,‏ فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ‏,‏ وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَنَا بِك وَإِلَيْك وَتَبَارَكْت وَتَعَالَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك

حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمِّي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْمَاجِشُونِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلاً أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ وَالشَّرُّ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ إلَيْك لأَنَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَيْرَ يَقْصِدُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجَاءَ ثَوَابِهِ وَإِنْجَازِ مَا وُعِدَ عَلَيْهِ‏,‏ وَمَنْ عَمِلَ شَرًّا فَلَيْسَ يَقْصِدُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَيْرِ وَمِنْ الشَّرِّ فَمِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِك قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيُيَسَّرُ أَهْلُ السَّعَادَةِ لِلْخَيْرِ فَيَعْمَلُونَهُ فَيُثِيبُهُمْ وَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ‏,‏ وَيُيَسَّرُ أَهْلُ الشَّقَاءِ لِلشَّرِّ فَيَعْمَلُونَهُ فَيُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ فِيمَا يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ مِثْلِهِ وَهُوَ مَا خَلاَ الشِّرْكَ بِهِ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

وَقَدْ أَجَازَ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ عَنْ الْغَلَّابِيِّ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك تَفْسِيرُهُ وَالشَّرُّ لاَ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إذْنِهِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ لَيَالِيَ مِنًى بِمَكَّةَ مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ فَأَذِنَ لَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إطْلاَقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ الْبَيْتُوتَةَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ لاِحْتِيَاجِهَا إلَيْهِ فِي إقَامَتِهَا لِلنَّاسِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ مِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِالسِّقَايَةِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلاَفِهِ‏.‏

قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي مَا يُخَالِفُ هَذَا وَذَكَرَ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ دَفَعَ إلَيَّ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ كِتَابًا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَقَالَ سَمِعْته مِنْ أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَنَا مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الأَوَّلِ لأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ إطْلاَقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ الْبَيْتُوتَةَ بِمَكَّةَ لِحَاجَةِ السِّقَايَةِ إلَى ذَلِكَ مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِ غَيْرِهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِالسِّقَايَةِ إلَيْهِ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ زِيَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بَيْتُوتَتُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم يَزُورُ الْبَيْتَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبِيتُ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ بِمِنًى فَيَكُونُ مِمَّنْ قَدْ بَاتَ بِهَا‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ مِنْ الْحَاجِّ الْبَيْتُوتَةُ بِمِنًى لَيَالِيَ مِنًى وَلَمْ يُرِدْ مِنْهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا عَنْ مِنًى فِي تِلْكَ اللَّيَالِي أَلاَ تَرَى أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فِي اللَّيْلِ حَتَّى يَأْتُوا مَكَّةَ فَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلَيْهَا فَيَبِيتُونَ بِهَا وَلاَ يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْبَيْتُوتَةِ بِهَا‏,‏ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْبَيْتُوتَاتِ أَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَبِيتَ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَأَقَامَ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَقَامَ فِيهِ بَقِيَّتَهَا حَتَّى أَصْبَحَ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ لأَنَّهُ لَمْ يَبِتْ فِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَامَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا ثُمَّ خَرَجَ إلَى غَيْرِهِ فَأَقَامَ فِيهِ بَقِيَّتَهَا حَتَّى أَصْبَحَ أَنَّهُ قَدْ حَنِثَ لأَنَّهُ قَدْ بَاتَ فِيهِ‏.‏

هَكَذَا الْمُتَعَارَفُ أَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ لَقِيَ رَجُلاً فِي اللَّيْلِ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ نِصْفُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَيْنَ تَبِيتُ اللَّيْلَةَ وَأَنَّهُ لَوْ لَقِيَهُ بَعْدَ أَنْ مَضَى نِصْفُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَيْنَ بِتَّ اللَّيْلَةَ فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زِيَارَتِهِ الْبَيْتَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى هُوَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْهُ إلَى مِنًى قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ نِصْفُ اللَّيْلِ فَيَكُونَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ فِيهَا فَيَكُونُ بِذَلِكَ بَائِتًا فِيهَا فَاتَّفَقَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الأَوَّلِ وَلَمْ يَخْتَلِفَا‏,‏ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏